صناعة الفضاء في العالم العربي
تقارير ودراسات 0 solomon 28 March، 2016 بلغ صديق
حقق الإنسان في القرن العشرين أحد أبرز إنجازاته على الإطلاق عندما نجح في وضع قدمه على سطح القمر. وساهم هذا الإنجاز في تغيير عالمنا إلى الأبد، وكان منطلقاً للعديد من التطورات التكنولوجية اللاحقة في مجال استكشاف الفضاء.
وتمتد جذور صناعة الأقمار الصناعية في دولة الإمارات العربية المتحدة الى أبعد مما يتصوره البعض، فقد تأسست أول شركة محلية لتشغيل وإدارة الأقمار الصناعية في الدولة قبل عام 2000.
ولاتزال الصناعات الفضائية وخاصة الاقمار الصناعية وخدماتها من أهم المحركات الأساسية لدفع الاقتصاد الإماراتي إلى الأمام. وتدير دولة الإمارات العربية المتحدة حالياً أكثر من 6 أقمار صناعية للاستخدام التجاري والعسكري، وتجاوزت الاستثمارات في مجال صناعة وتكنولوجيا الفضاء 20 مليار درهم تتوزع بين أقمار الاتصالات والبث الفضائي وأقمار المراقبة الأرضية والاستطلاع، وسيؤدي برنامج الإمارات الفضائي والأنشطة المصاحبة له إلى التطور الصناعي من خلال بروز البحث والتطوير في الشركات الصناعية المساهمة والمشاركة في البرنامج وكذلك مراكز البحث العلمي، كما أن البرنامج سوف يلعب دوراً كبيراً في تنويع الاقتصاد وخلق مهارات علمية وقوة عمل عالية الجودة والندرة.
صبحت اليوم التقنيات التي ساعدت البشرية في الوصول إلى الفضاء جزءاً مهماً من حياتنا اليومية، وأدت الأفكار والتصاميم التي استخدمت في استكشاف الفضاء إلى انطلاق ثورة أخرى في عالم التكنولوجيا، أدت إلى ظهور الاختراعات، مثل النظام العالمي لتحديد المواقع “GPS”، الهواتف الخلوية، أجهزة البث اللاسلكي التي تعتمد على الأقمار الصناعية.
وتم تطوير العديد من التقنيات أصلاً لبرامج الفضاء، ويعود الفضل للأبحاث الفضائية في إنشاء وتطوير التقنيات الحيوية الطبية الحديثة، تكنولوجيا التصوير، الأنظمة الرقمية، علوم الروبوت، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التطبيقات في مجال الأرصاد الجوية، المراقبة البيئية، صور الاستشعار عن بعد والمراقبة وغيرها.
المشهد الفضائي الدولي الجديد
منذ أول رحلة قام بها الإنسان إلى الفضاء أوائل الستينيات، دفع الفضول مئات المستكشفين من دول مختلفة للمغامرة في الفضاء، ودفع حب المعرفة وإدراك الفائدة الكبيرة التي تنطوي عليها الاستكشافات الفضائية بالنسبة للإنسان على الأرض، نحو الوصول إلى الكواكب.
اليوم، تبدي المزيد من الدول اهتماماً وإمكانات أكبر في مجال الفضاء، وتبرز هيمنة الدول المتقدمة في مسائل التمويل والخبرة والإنجازات الفضائية؛ فيما تشق العديد من الدول الأخرى طريقها تدريجياً للانضمام إلى مجتمع الفضاء، وتسعى العديد من الدول النامية حالياً للارتقاء بمستواها في مجال الأنشطة الفضائية، بما يؤكد أن استكشاف الفضاء واستخدام الفضاء الخارجي قد تحول الآن إلى التزام عالمي.
ونظراً للوعي بالقدرات الكامنة في التطبيقات الفضائية وانخفاض تكلفة المنتجات الفضائية، تدرك الدول فوائد إدراج القدرات الفضائية في برامجها المخصصة للتنمية الوطنية، ويمثل ذلك تطوراً ذو أهمية في السنوات الأخيرة، حيث خطت الدول التي تسعى للاستفادة من الفضاء وتعزيز تنميتها الوطنية نحو الانضمام إلى مشهد تكنولوجيا الفضاء، وأثبتت دول مثل اليابان، والهند، البرازيل، وكندا، وكوريا الجنوبية، نجاح برامجها، واتخذت دول ناشئة حديثة مثل جنوب أفريقيا، وفنزويلا، وتايلاند، وتركيا، والجزائر، ونيجيريا، وماليزيا، وتايوان، وإندونيسيا، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وفييتنام، وباكستان، وإيران، ومصر وغيرها أولى خطواتها عبر برامج نقل تقنيات أقمار صناعية صغيرة ومنخفضة التكلفة من خلال التعاون مع الدول التي لها باع طويل في مجال تكنولوجيا الفضاء.
النمو الاقتصادي العالمي لقطاع الفضاء
على الصعيد العالمي، ترتقي تكنولوجيا الفضاء لتصبح أكثر أهمية بالنسبة لأمن الدول واقتصادها، مدعومة ببرامج ومؤسسات وطنية في كثير من الحالات، ويشكل قطاع الفضاء جزءاً مهماً من علوم الاتصالات الفضائية والملاحة والبث وعلم المناخ.
وأشار أحد التقارير الصادرة عن شركة (Euroconsult) إلى تضاعف نسبة الإنفاق الحكومي العالمي على برامج الفضاء من خلال استثمارات أجرتها الدول الناشئة على مدى العقد الأخير،
لترتفع من 35 مليار دولار أمريكي في عام 2000 إلى 73 ملياراً في العام 2012، وتتبوأ دول مثل الإمارات العربية المتحدة، إندونيسيا، ماليزيا، تايلاند وفييتنام مكانة رائدة في هذا المجال، وتمتلك أكثر من 70 دولة الآن برامج فضائية بمستويات متطورة (2012 Euroconsult).
وشهد اقتصاد الفضاء العالمي نمواً بنسبة 4% في عام2013 ، ليتخطى عتبة جديدة بمقدار 314.17 مليار دولار أمريكي، وكان القسم الأكبر من هذا النمو على الجانب التجاري للاقتصاد، فيما أضافت المنتجات والخدمات والبنية التحتية التجارية وقطاعات الدعم والمساندة قيمة تخطت ثلاثة أرباع اقتصاد الفضاء، وشكل الإنفاق الحكومي الجزء المتبقي (Space Report 2013).
اقتصاد الفضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة
يشكل القطاع الفضائي في دولة الإمارات العربية المتحدة جزءاً أساسياً من تطبيقات الاتصالات الفضائية، الملاحة، البث الفضائي وعلم المناخ. وستؤدي برامج الفضاء الإماراتية إلى تطوير قاعدة صناعية من شأنها تعزيز عمليات البحث والتطوير العلمي بين المؤسسات التي تجمعها علاقات شراكة، إلى إيجاد فرص عمل جديدة، وتحسين القدرات والكفاءات الفنية للقوى العاملة.
وتمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة الموارد، والخبرة العملية والإرادة الوطنية والدوافع القوية للدخول في عالم الفضاء، وبهذا يلعب قطاع الفضاء دوراً مهماً في تنويع الاقتصاد الإماراتي، ويسهم في إيجاد فرص عمل متخصصة لذوي الكفاءات العالية والخبرة التكنولوجية رفيعة المستوى.
ويمثل تطوير قطاع الفضاء في دولة الإمارات فرصة مهمة يُتوقع أن تحدث نتائج إيجابية للغاية، وتمتلك قلة من الدول القدرة على إتمام مثل هذه البرامج، إذ تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة الموارد الفكرية والتكنولوجية والمالية اللازمة، الأمر الذي يعزز من نسب نجاح هذا المشروع، ويسهم في دفع تطوير مشاريع أخرى مماثلة.
ومن شأن برنامج الفضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة أن يلهم الإبداع ويعزز تنويع الاقتصاد، فضلاً عن إسهامه في زيادة التركيز على تحقيق اختراقات في مجال تطوير التكنولوجيات الجديدة، في شكل براءات اختراع يمكن بيعها لوكالات الفضاء الأجنبية.
وفي نهاية المطاف، سيؤدي تعزيز دور الإمارات العربية المتحدة في مشاريع الفضاء إلى تمكين القطاعات والشركات من الانتقال إلى أسواق جديدة، وتوسيع العائد على الاستثمار.
ومن شأن مشاريع الفضاء تحفيز الشركات على دخول أسواق جديدة مع منتجات ذات صلة مثل البطاريات الخاصة، الألواح الشمسية خفيفة الوزن وغيرها، وسترتقي برامج الفضاء الوطنية في نهاية المطاف بالمعايير الوطنية لمستوى المعيشة، على الصعيدين المادي والثقافي، ودعم جهود التعاون الإقليمية والدولية التي تبذلها الإمارات العربية المتحدة مع دول أخرى.
هناك فرص هائلة، وبالأخص من منظور تجاري لتنفيذ تطبيقات الأقمار الصناعية في الاقتصادات الناشئة وزيادة المنافسة الإقليمية والعالمية في هذا المجال، ويواجه القطاع بالطبع تحديات يمكن توقع جزء منها، فالفضاء قطاع ينطوي على مخاطر كامنة، ولا تمتلك كل الدول برامج فضائية ناجحة، وقد يرجع عدم النجاح إلى الإخفاقات في المجال التقني، تكامل التكنولوجي للأنظمة، أو قصور نماذج الأعمال أو سوء التنظيم والإدارة.
إيجابيات برنامج الفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة
انطلاقاً من اعتبار الفضاء الخارجي تراثاً مشتركاً للبشرية، يتعين السماح للدول النامية بقدرة وصول عادلة إلى الفضاء الخارجي، ويجب استخدام الفضاء الخارجي بشكل عقلاني وسلمي، وضرورة أن يتعاون مجتمع الفضاء العالمي في مجال الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، ولدولة الإمارات العربية المتحدة جذور طويلة في مجال الأقمار الصناعية وقطاع الفضاء أبعد مما يمكن للكثير إدراكه، حيث يعود تاريخ تأسيس أول مشغل للأقمار الصناعية في دولة الإمارات العربية إلى عام 1999.
وفي يوليو 2014، دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي عندما كشف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة عن تأسيس وكالة الفضاء وأعلن خططاً لإطلاق رحلة علمية استكشافية إلى الكوكب الأحمر بحلول عام 2021.
ويشير هذا الإعلان إلى نقطة تحول بارزة في تنمية البلاد بتأسيس تكنولوجيا الفضاء باعتبارها دافعاً جديداً للنمو الاقتصادي المتنوع.
وتدرك حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة الدور الكبير الذي يلعبه برنامج الفضاء الوطني في الدفع نحو تنويع الاقتصاد الإماراتي، بما يؤدي إلى توفير مزيد من فرص العمل للكفاءات العالية والتكنولوجيا المجدية من الناحية المالية، وقوة عمل عالية الكفاءة في المجال التكنولوجي.
وتصر دولة الإمارات العربية المتحدة على ترسيخ مكانتها في علوم الفضاء، وعندما أعلنت الحكومة العام الماضي، عن تشكيل وكالة الفضاء، طرحت الدولة أسئلة حول الأسباب الموجبة والآلية التي ستعتمدها للاستثمار في استكشاف الفضاء.
وتبرز أهمية برنامج الفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة من الناحية الاقتصادية حيث ترتبط التنمية التكنولوجية بالتنمية الاجتماعية. ولكنه تحد صعب حيث يتساءل البعض عن الأسباب التي تدفع دولة مثل الإمارات العربية المتحدة لإنفاق مليارات الدراهم على هذا البرنامج، إلا في حال كانت تتلمس منه بعض الفوائد المهم. وفي الواقع، هناك العديد من المزايا المهمة والأهداف الكبيرة من هذا البرنامج، والتي قد يتجلى أبرزها في الارتقاء بمكانة الدولة إلى اقتصاد قائم على المعرفة.
ويمثل الموقع الاستراتيجي والجغرافي لدولة الإمارات العربية المتحدة على الخليج العربي، الدافع الثاني الذي يوجه الدولة نحو الانضمام إلى مجتمع الفضاء، إذ يتيح برنامج الفضاء لدولة الإمارات فرصة الاستفادة من هذه المقومات الاستراتيجية.
ومن ناحية أخرى، ليست دولة الإمارات العربية المتحدة الاقتصاد الناشئ الوحيد الذي يمتلك طموحات في مجال الفضاء، حيث تمتلك العديد من البلدان النامية عدداً قليلاً من الأقمار الصناعية التي تجول كوكب الأرض، وحسب تعريف برامج الفضاء، فإن دولاً أخرى مثل سريلانكا يمكنها امتلاك خطط طموحة لتشجيع إنشاء قطاع فضاء. وتشير الأرقام، التي تشمل برامج التعاون الفضائي بين الدول إلى وجود أكثر من 70 برنامج فضاء حالياً، إلا أن عدداً قليلاً منها يمتلك إمكانيات إطلاق (The Economist 4/11/2013)، وتعود محاولات الدول إلى الإسراع في برامجها الفضائية لعدة أسباب مختلفة.
ويشكل البرنامج الفضائي الإماراتي مثالاً واضحاً عن مسيرة التطور العلمي والتقني المتسارعة التي تشهدها البلاد، إذ تجني الدول التي تسعى نحو برامج الفضاء وامتلاك وتشغيل أقمارها الصناعية المكاسب على المدى الطويل، وتلعب العمليات الفضائية الوظيفية الناجحة لأي دولة دوراً مهماً في إقناع المستثمرين المحتملين بمستوى الأمان والاستقرار الذي تشهده تلك الدولة، وتتيح لها قدرات فضائية مستقلة.
المنافع التي تعود على قطاع التعليم
إن الأساس الذي تقوم عليه التنمية المستدامة في الدول يتمثل في تنمية رأس المال البشري اللازم في المؤسسات الصناعية والبحثية والأكاديمية، وتسعى الحكومة في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تطوير “الحد الأدنى” من الخبرة العملية الإماراتية في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء لتمكين الدولة من تحقيق أهدافها والوصول إلى الاعتماد شبة الذاتي من الناحية التكنولوجية والصناعية والتجارية والاقتصادية، وسيعمل برنامج الفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة على الاستفادة من تقنيات الفضاء المحلية، وتمكين العلماء والمهندسين الإماراتيين من التركيز على نقل المعرفة، وتأسيس بنية تحتية محلية تتضمن المختبرات، والمنشآت، والمراكز التعليمية.
وتدرك دولة الإمارات العربية المتحدة مزايا دمج القدرات الفضائية؛ وقد أثبتت هذه التطبيقات جدواها في العديد من المجالات، وستؤدي جهود بناء القدرات إلى تأسيس المنهجية ورسم الملامح الأولى للخبرة العملية في المجالات الفضائية، ضمن سياق هيئة وطنية تتيح توظيف هذه التكنولوجيا في البرامج الإنمائية على المستوى التنفيذي.
ويتسم برنامج الفضاء بقدرته الفريدة على إلهام الطلاب لتحقيق التميز في التخصصات التي تدفع الابتكار في مجال العلوم والتكنولوجيا. وستعمل وكالة الامارات للفضاء من خلال هذا البرنامج على مشاركة الطلاب المتميزين في دولة الإمارات العربية المتحدة لمواصلة تطوير مهاراتهم الأساسية في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ومن خلال هذا البرنامج، تخطو دولة الإمارات العربية المتحدة أولى خطواتها إلى الفضاء عبر تقنية الأقمار الصناعية والعمل مع وكالات مثل (NASA) و(ESA) لتدريب الجيل القادم من المهندسين، وستعمل هذه الاستثمارات على خدمة الدولة بشكل كبير خلال السنوات القادمة.
ومن خلال هذه البرامج سيتمكن الطلاب الإماراتيون من الوصول بشكل مستمر إلى العلوم الفلكية في البلدان المتطورة من خلال المؤسسات التعليمية وغيرها من الوكالات الإقليمية، ومن بينها برنامج تنظمه “مؤسسة مشاريع الشباب العربي”، حيث عادت مؤخراً أول مجموعة نسائية من المتدربات بعد انتهائهم من التدريب في معهد (Silicon Valley’s NASA Lunar Science Institute) ، وهي الوكالة المسؤولة عن تصميم البرمجيات، وتكامل أجهزة الاستشعار عن بعد واختبار نفق الرياح المستخدم لبناء (Mars Rover Curiosity) وقد عملت تلك الطالبات على تصميم بدلة الفضاء والتقنية المعتمدة في بدلة فضائية.
ويتجلى الهدف الرئيسي من مثل هذه المبادرات الوطنية في الجوانب التعليمية والثقافية، وفي الواقع فإن هذه المشاريع ستشد انتباه الجميع نحو الفضاء والعلوم والتكنولوجيا، وخاصة الطلاب في دولة الإمارات العربية المتحدة وبقية دول العالم العربي، فضلاً عن وسائل الإعلام، كما أنها تعطي دفعاً لمشاريع أخرى.
القدرات الفضائية بدولة الإمارات العربية المتحدة
تؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة بنية تحتية قوية لتحقيق برنامجها الفضائي، وتتضمن مرافق لتطوير الأقمار الصناعية والقياس عن بعد، شبكة السيطرة، وأنظمة استقبال ومعالجة البيانات للاستشعار عن بعد. وهناك العديد من المؤسسات الأكاديمية والبحثية فضلاً عن القطاعات المشاركة في برنامج الفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتتمتع العديد من القطاعات في دولة الإمارات العربية المتحدة بالخبرة الكافية للقيام بوظائف متطورة لازمة لأنظمة الفضاء.
ويواصل قطاعا الطيران والفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة دورهما المهم كمحرك رئيسي للاقتصاد الوطني، وتدير دولة الإمارات حالياً أكثر من 7 أقمار صناعية للاستخدامات التجارية والعسكرية، وتخطت قيمة الاستثمارات الوطنية في تكنولوجيا الفضاء مبلغ 20 مليار درهم إماراتي، بما في ذلك أقمار البيانات الفضائية، الأقمار الصناعية الخاصة بالبث الفضائي والاتصالات، الأقمار الصناعية الخاصة بأجهزة الهاتف الخلوي والأقمار الصناعية الخاصة برسم خرائط الأرض ومراقبتها. وإلى جانب البنية التحتية المادية الحديثة التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة، نورد فيما يلي قائمة بعدد من المؤسسات المهمة التي ساهمت بقوة في قطاع الفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة.
شركة الياه للاتصالات الفضائية (Yahsat) (الياه سات)
شركة الياه للاتصالات الفضائية (الياه سات) هي شركة مساهمة خاصة مملوكة بالكامل لشركة “مبادلة للتنمية”، الذراع الاستثمارية لحكومة أبوظبي، ويعود تأسيس الشركة إلى عام2007 ، وتهدف إلى تطوير وتشغيل واستخدام نظم الاتصالات الفضائية متعددة الأغراض في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا ومناطق جنوب غرب آسيا، ومنذ تأسيسها، نفذت الشركة بحوثاً وعلاقات تواصل واسعة النطاق مع العملاء لتصميم أول نظام للأقمار الصناعية متعددة الأغراض في المنطقة يتكون من قمرين صناعيين وبنية تحتية أرضية مترابطة.واليوم، تعتبر (الياه سات) ثامن أكبر مشغل للأقمار الصناعية في العالم من حيث العائدات، وتقدم حلول الأقمار الصناعية للحكومات والقطاع التجاري في مناطق الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأوروبا، ووسط وجنوب غرب آسيا.
مركز محمد بن راشد للفضاء
في 18 ابريل 2015 أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بصفته حاكماً لإمارة دبي، قراراً بإنشاء مركز محمد بن راشد للفضاء، وضم مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة “إياست” إليه.
ويعتبر مركز محمد بن راشد للفضاء جزءاً من مبادرة استراتيجية لتحفيز الابتكار والتقدم التكنولوجي للمهندسين ودفع عجلة التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويعمل المركز على ترسيخ المكانة الرائدة التي تشغلها دولة الإمارات العربية المتحدة على الصعيد العالمي في مجال العلوم والتكنولوجيا من خلال تطوير ملكية فكرية وخبرات جديدة، ويعكف المركز على إنشاء مرافق جديدة في دبي للبحث والتطوير، بما يتيح للمهندسين الشباب تحقيق أهدافهم بشكل مستقل وغير معتمد على الخبرات الخارجية، وبناء اقتصاد معرفي خاص ببرامج الفضاء، كما يجري أبحاثاً حول الفضاء الخارجي وتطوير أقماراً صناعية خاصة بمرافق التصنيع والنظم المرتبطة، والتقاط صور من الفضاء، وتوفير محطة أرضية وخدمات هوائي ودعم لأقمار صناعية أخرى.
الثريا للاتصالات الفضائية (Thuraya)
تأسست شركة الثريا للاتصالات الفضائية في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1997 باعتبارها مشروعاً جريئاً لعدد من شركات الاتصالات المحلية والإقليمية الرائدة وعلى رأسها شركة الإمارات للاتصالات “اتصالات”.
وانطلق مشروع “الثريا” استناداً إلى إدراك “اتصالات” للقيود التي تفرضها الطبيعة على تغطية خدماتها لمناطق واسعة من الكرة الأرضية. وعلى مر السنين، بدت المساهمات الواضحة لشركة “الثريا” في تطوير قطاع الفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة وتعزيز المكانة الإقليمية والدولية للإمارات العربية المتحدة، وتوفير المساعدات الإنسانية والارتقاء بالإمكانات والقدرات.
ومنذ إطلاق مشروع “الثريا”، عكفت الشركة المشغلة للقمر الصناعي على إعداد تدريبات أرضية، وأوجدت فرص عمل متميزة لأبرز المتخصصين الإماراتيين في مجال الأقمار الصناعية والفضاء. وتعتبر “الثريا” واحدة من بين أربع شركات عالمية للاتصالات المتنقلة، وواحدة من الشركات الرائدة في السوق من حيث مجال تغطيتها الذي يمتد إلى أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأستراليا. وتشمل منظومة “الثريا” الفضائية قمرين صناعيين يدوران في مدار متزامن حول الأرض، وتقوم الشركة بإدارتهما ومراقبتهما من مركز عملياتها الفنية في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة
مركز الاستطلاع الفضائي الإماراتي (SRC)
تأسس “مركز الاستطلاع الفضائي” في عام 2000 ليعمل بصورة مستقلة على استقبال صور عالية الدقة من عدة أقمار صناعية تستخدمها الشركات الحكومية وغير الحكومية بدولة الإمارات العربية المتحدة، والاستفادة منها في مجموعة متنوعة من التطبيقات، ويعتبر “مركز الاستطلاع الفضائي” مركزاً للتكنولوجيا المتقدمة متخصصاً باستقبال ومعالجة بيانات الصور والاستفادة من المعلومات.
ويمتلك المركز نظاماً متكاملاً للاستشعار عن بعد، ويوظف القدرات المتقدمة في التحكم والسيطرة على أقمار التصوير الفضائي واستقبال ومعالجة وتحليل بيانات الصور الفضائية والجوية وإنشاء خرائط مصورة وتقارير ذات صلة بحيث يصار إلى تسليمها بسرعة إلى صناع القرار لوضع النماذج، وإدارة الأوضاع والأزمات.
ويتكون “مركز الاستطلاع الفضائي” من أربعة أقسام تنفيذية رئيسية متكاملة هي استقبال بيانات الصور الفضائية، وإنتاج الصور، وتحليل الصور والاستفادة منها، وقسم التدريب والدعم الفني. ومن خلال الاستفادة من برامج وأجهزة المعالجة المتطورة للصور، يقدم “مركز الاستطلاع الفضائي” للمستخدمين النهائيين من الجهات الحكومية وغير الحكومية خدمات ومنتجات تتضمن صوراً محسنة ونماذج ارتفاعات رقمية، صوراً مصححة متعامدة، بيانات رقمية للتضاريس وخرائط مصورة.
وبالإضافة إلى الاستخدام المكثف لصور الأقمار الصناعية في البيانات الجيومكانية التي أنتجتها وكالات رسم الخرائط في دولة الإمارات العربية المتحدة، تم استخدام منتجات “مركز الاستطلاع الفضائي” في تطبيقات عسكرية ومشاريع المجتمع المدني مثل الأرصاد، المسائل المتعلقة بالامتثال وإدارة الأزمات.
ويتمتع “مركز الاستطلاع الفضائي” بقدرات قوية على استقبال بيانات مباشرة من الأقمار الصناعية ومن ثم معالجتها واستخلاصها ونشرها.
شركة “بيانات” للخدمات المساحيّة
تعتبر “بيانات للخدمات المساحية” إحدى الشركات المملوكة بالكامل لشركة “مبادلة للتنمية” والتي انبثقت من عملية تحويل المساحة العسكرية إلى شركة خدمات مساحية تجارية، وتأسست المساحة العسكرية في عام 1974 بهدف تزويد القوات المسلحة الإماراتية بالخدمات المساحية وإنتاج الخرائط، و منذ ذلك الحين، تمكنت المساحة العسكرية من تطوير خبراتها وتقنياتها عبر السنين لتشمل مختلف الخدمات الجيومكانية، وطورت مستوى شاملاً من الخبرات والتجارب التي تم نقلها إلى “بيانات” التي تواصل توفير خدماتها الجيومكانية بمستوى عالمي إلى عملائها في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها.
وتركز “بيانات” على توفير قدراتها الاستراتيجية للجهات المعنية بدولة الإمارات العربية المتحدة، ودعم عملائها في القطاعين الحكومي والتجاري بمنتجات وخدمات جيومكانية وطنية رفيعة المستوى. وتمتلك الشركة فريق خدمات جيومكانية متخصص في الحصول على البيانات ومعالجتها وتحليلها، ورسم خرائط البيانات الجيومكانية، وتطبيقات نظم المعلومات الجغرافية، والتطوير وخدمات الاستشارة الجيومكانية.
وتجدر الإشارة إلى أن الشركة مجهزة بأحدث المعدات والتقنيات التي تكفل تقديم الخدمات إلى العملاء بشكل فاعل في الوقت المناسب، ويشمل ذلك خدمات البيانات المكانية المتكاملة مثل مجموعة متكاملة من المسح الجوي أو البحري أو ضمن نطاق محدد. ونجحت “بيانات” في إنشاء بيانات هندسية دقيقة للكرة الأرضية. وسيكون لنماذج البيانات الناتجة تأثيرات إيجابية مهمة في استخدام ومعايرة بيانات ومواقع الأقمار الصناعية.
مراكز الأبحاث الفضائية الجامعية
أقامت وكالة الإمارات للفضاء شراكة مع صندوق تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات (ICT FUND)، إحدى مبادرات “هيئة تنظيم الاتصالات”، لتمويل مركز الأبحاث الفضائية، وسيتخذ المركز من “جامعة الإمارات العربية المتحدة” في العين مقراً له، وسيعتبر من المرافق البحثية والتعليمية الرائدة بدولة الإمارات العربية المتحدة من حيث الارتقاء بالأبحاث والتطوير، وتوفير برامج علوم الفضاء الخاصة بالخريجين وطلاب الدراسات العليا.
وسيلعب المركز دوراً بارزاً في تحقيق أهداف وكالة الإمارات للفضاء من حيث تطوير كوادر بشرية وطنية عالية الكفاءة في مجال علوم الفضاء والتقنية بما يعزز من قدرة الدولة على تحقيق أهدافها وتحقيق الاعتماد الذاتي في المجالات التقنية والصناعية والتجارية والاقتصادية.
المرصد الفلكي (تلسكوب)
لا يزال المرصد الفلكي الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة قيد التطوير، وسيشكل مركزاً وطنياً لأبحاث وتطوير العلوم الفلكية. وفور استكماله، سيكون المرصد المنشأة الفلكية الرئيسية في شبه الجزيرة العربية. وسيتضمن المركز أكاديمية الفضاء وعلم الفلك التي ستقدم دروساً في علم الفلك، وتساعد في تعزيز التوعية بأهمية الأبحاث الفلكية في العالم.
وكالة الإمارات للفضاء
تقديراً لأهمية الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي والفوائد الاجتماعية والاقتصادية التي أثمر عنها قطاع الفضاء في دولة الإمارات على مدى العقود الثلاثة الماضية، أصدَرَ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة مرسوماً في يوليو 2014 أعلن فيه تأسيس وكالة الإمارات للفضاء كهيئة اتحادية من شأنها أن ترفع التقارير مباشرةً إلى مجلس الوزراء وتكون مستقلة من الناحيتين المالية والإدارية، وستنضم وكالة الإمارات للفضاء إلى مجتمع الفضاء الدولي في سعيه إلى دعم عمليات استكشاف الفضاء والمساهمة في بناء المجتمع العلمي العالمي. كما أنها ستشرف على القطاع الفضائي المتنامي في دولة الإمارات عبر إدارة أنشطته وتنظيمها وإجراء كل التنسيقات اللازمة.
وتم تأسيس الوكالة لتنفيذ مهامها الأربع:
1. تطوير قطاع الفضاء.
2. وضع سياسة وأحكام خاصة للأنشطة المتعلقة بالفضاء.
3. توجيه البرامج الفضائية الوطنية التي ستعود بالفائدة على اقتصاد دولة الإمارات.
4. إعداد الكوادر والقدرات البشرية في مجال الفضاء للمستقبل.
هذا وحددت الوكالة عدداً من المبادرات الهامة ذات الأولوية لبناء قدرات عالمية المستوى، وتخريج قوى عاملة مؤهلة ومتعددة المهارات، وإشراك مساهمين رئيسيين في تعزيز مكانة الدولة في مجال الفضاء محلياً وإقليمياً ودولياً.
القمر الصناعي الإماراتي (UAE CubeSat)
أبرمت الجامعة الأميركية في الشارقة (AUS) شراكة مع مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة (EIAST) لإطلاق بعثة أقمار فضائية صغيرة CubeSat الأولى من نوعها في الإمارات. ويوفر القمر الصناعي النانومتري تدريباً عملياً لطلاب الهندسة في مجال تصميم قمر اصطناعي للاتصالات وتركيبه واختباره وتشغيله. ويلعب هذا البرنامج دوراً هاماً في تطوير قطاع العلوم والتكنولوجيا في دولة الإمارات، ويمكن تحقيقه من خلال الاستثمار في المواهب والقدرات المحلية لبناء (CubeSat) بحيث يكون مملوكاً للإمارات وتشغله كفاءاتها المحلية، وسيساعد البرنامج كذلك على إنشاء البنية التحتية اللازمة في جامعة إماراتية لإتاحة تنفيذ برنامج جامعي متواصل عن الأقمار الاصطناعية وتهيئة الطلاب الجامعيين ليدخلوا صناعة تكنولوجيا الفضاء في دولة الإمارات مزودين بخبرة عملية راسخة في مختلف تخصصات هندسة النظم الفضائية.
المسبار الفضائي الإماراتي لاكتشاف المريخ (مسبار الأمل)
لا يزال كوكب المريخ يحيِّر علماء الفضاء والفلك في جميع أنحاء العالم، فإن بيئته الحادة وغلافه الجوي الدينامكي كثيران التقلب ويشكلان بؤرة تركيز ما لا يقل عن ستة عشر بعثةً لوكالات فضاء منذ منتصف السبعينيات.
وبقيت السمات الأساسية للغلاف الجوي المريخي محاطةً بغموض كبير طوال عدة قرون حتى فجر عصر اكتشاف الفضاء. وبالنظر إلى جميع الدراسات القيِّمة السابقة التي أُجريت على محيط “الكوكب الأحمر”، وتحديداً غلافه الجوي، فقد قرر فريق الفضاء في دولة الإمارات لأول مرة، بعد إجراء مشاورات وتحقيقات مع العديد من المؤسسات العلمية، أن يستكشف ديناميكية الغلاف الجوي لكوكب المريخ على نطاق عالمي. وسيوفر مسبار الإمارات لاكتشاف المريخ )مسبار الأمل) القياسات اللازمة لفهم دوران الغلاف الجوي والطقس في الغلاف الجوي للمريخ. كما أنه سيمسح قياسات الطبقات العليا من الغلاف الجوي لفهم وتحديد كيفية انتقال الطاقة والجزيئات إلى الأعلى وبالتالي خروج جزيئات الغلاف الجوي من نطاق جاذبية المريخ. وقد تحققت سابقاً إنجازات ضمن جوانب فردية للقياسات في المريخ، إلا أن المزيج الفريد من الأجهزة والتغطية المدارية سيتيح فهماً هاماً وجديداً تماماً لطريقة عمل الغلاف الجوي للمريخ.
الأنشطة العلمية المرتقبة في الإمارات العربية المتحدة
تبرز أهمية نشاطات تطوير العلوم في التحضير لتحليل البيانات العلمية، ويشمل ذلك تنظيم مجموعات نقاش حول الجانب التجاري للعلوم، إلى جانب النمذجة العددية وتحليل بيانات البعثات الفضائية السابقة المرتبطة مباشرةً بتحليل بيانات رحلة المسبار الإماراتي المتوقعة، وتقديم الدعم وحضور اجتماعات علمية والتواصل مع الجامعات المحلية لبناء القدرات الإماراتية في مجال علوم الفضاء.
تشكل مهمة مسبار الإمارات حافزاً لزيادة الوعي بين عامة الجمهور في مجال علوم الفضاء والذي أصبحت الإمارات جزءاً منه، كما سيعمل هذا الحدث على رفع مستوى الاهتمام لمهمة المسبار الإماراتي وحث الناس على تقدير هذا الإنجاز.
وسيكتسب الطلاب خبرةً في تطور مراحل البعثة وسيتم تدريب أعضاء فريق الإمارات باستخدام بياناتٍ حالية عن المريخ على تطوير الأدوات اللازمة لتحسين أداء المسبار، كما سيبدأ الباحثون بإدراك قيمة مشاركة الإمارات في أبحاث علوم الفضاء والكواكب بناءً على نجاح المسبار الإماراتي في مهمته.
تطلعات الإمارات العربية المتحدة لبرنامجها الفضائي
تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة لتأكيد مكانتها كبلدٍ تلعب صناعة الفضاء فيه دوراً أساسياً في التطور والتنمية الاقتصادية المستدامة، يتطلب النجاح المنشود لاقتصاد الإمارات معرفةً تقنيةً بالإضافة إلى جيلٍ جديدٍ من الرواد الإماراتيين في مجالات العلوم، والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ناهيك عن وجود صناعة فضاء متقدمة تحفز المعرفة والخبرات في هذا المجال، ولذلك تضع الإمارات خطة استراتيجية بعيدة المدى لإرساء أساسٍ صلبٍ ومستدام لمجتمعٍ قائم على العلم والمعرفة من شأنه أن يقود إلى ابتكاراتٍ واكتشافاتٍ فضائية متقدمة وتحفيز الاقتصاد القائم على التكنولوجيا المتقدمة.
لا تعليقات حتى الآن.
كن أول شخص يترك تعليقا.