مستقبل الطاقة وفرص التمويل في العالم العربي
تقارير ودراسات 0 solomon 28 March، 2016 بلغ صديق
لن يبقى نظام الطاقة في المستقبل كسابق عهده؛ حيث نشهد اليوم تحولاً جذرياً يتمثل في الدمج بين المصادر التقليدية والمتجددة ضمن مزيج متكامل من الطاقة إذ أشار بنك أبوظبي الوطني في تقرير يتناول مستقبل الطاقة، بالتعاون مع جامعة كامبردج»، وشركة «برايس ووترهاوس كوبرز»، و»مصدر» إلى الفجوة الهائلة التي تتسع سريعاً بين العرض المتاح والطلب على الطاقة في العالم، إذ بدأ الخليج العربي لمس تأثير ذلك التحدي بشكل عملي مع تسجيل ارتفاع في الطلب على الطاقة بواقع ثلاثة أضعاف عن المتوسط العالمي. إذ أن النمو السريع لعمليات التصنيع وحركة التوسع العمراني يفضي إلى ارتفاع كبير في الطلب على الطاقة في المنطقة التي تشكل بدورها حلقة وصل حيوية تدعم عجلة النمو العالمي. وتبحث بلدان هذه المنطقة عن طرق تكفل ابتعادها عن أنماط الطاقة التقليدية والتحول إلى تقنيات الطاقة النظيفة والمستدامة، كما تعمل حكومات المنطقة على تطوير بنيتها التحتية لقطاع الطاقة لمواكبة الطلب المستقبلي، خاصة وأن أمامها فرصة قيّمة لترسيخ دور المصادر المتجددة منذ مراحل مبكرة بما يتخطّى البلدان الغنية.
ركز تقرير العام الماضي على نقاط أساسية أبرزها حجم التمويل المطلوب لتغذية الطلب العالمي على الطاقة، وذلك من خلال استثمارات بقيمة 48 تريليون دولار أمريكي خلال الأعوام العشرين القادمة؛ ويتخطى ذلك إلى حد كبير مخصصات الإنفاق الحكومي وحده. ومن هنا، نثق تماماً بأن مزيج طاقة المستقبل سيحمل فرصاً متميزة على المدى الطويل بالنسبة للقطاع المصرفي.
ولكن السؤال الأبرز الذي يتبادر إلى أذهان الجميع هو: هل سيتسبب انخفاض أسعار النفط في عرقلة نمو الطاقة المتجددة؟ في الواقع ينفي التقرير ذلك؛ إذ يتم استخدام المصادر المتجددة غالباً لتوليد الطاقة، والنفط في مجال النقل. وأشار البروفيسور دوغلاس كروفورد براون من «جامعة كامبريدج» في مقدمته ضمن التقرير إلى وجود عوامل جوهرية مؤثرة على المدى الطويل فيما يخص مسيرة المصادر المتجددة والطاقة منخفضة الكربون. وثمة حاجة ماسة اليوم لردّم الهوّة التي قد تلوح في الأفق بين العرض والطلب، ولذلك تلتزم بلدان العالم بإزالة الكربون من اقتصاداتها إلى جانب تنويع مصادرها من الطاقة.
ولكن ما هي القوى التي تدفع مسيرة قطاع الطاقة المتجددة قدماً؟
يشهد طلب المستهلكين تحولاً لافتاً نحو تفضيل الطاقة النظيفة. وتتخذ الحكومات خطوات دؤوبة في هذا الإطار، خاصة بعد اختتام فعاليات مؤتمر «الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» (كوب 21)، والتزام البلدان حول العالم بتعزيز مساعيها الرامية إلى إزالة الكربون من اقتصاداتها.
ومع انحسار سياسات دعم الوقود الأحفوري في منطقة الشرق الأوسط، سنشهد مجالا ًأوسعاً لترسيخ دور تقنيات الطاقة المتجددة؛ وقد شهدنا العام الماضي دلائل واضحة على بداية حدوث ذلك. وستساهم شركات الطاقة في تعزيز الابتكار خاصة مع تنامي التقدّم التكنولوجي، مما سيدفع التكاليف نحو الانخفاض. ومن شأن ذلك أن يدعم الجدوى الاقتصاديّة للمصادر المتجددة في مواجهة أي تحديات تنجم عن انخفاض أسعار النفط. ويمكن للتقنيات الجديدة إحداث نقلة نوعية كلياً في كامل القطاع؛ وقد يحدث ذلك بشكل مفاجئ كما رأينا مع مصادر الطاقة الشمسية. ويمكن خلال المرحلة المقبلة إحراز تقدّم في مجال تطوير بطاريات تخزين الطاقة التي من المتوقع أن تلعب دوراً حاسماً في القطاع.
ويقدّم التقرير لمحة عامة حول أهم التطورات في قطاع الطاقة، كما يعكس صورة مشرقة عن الطموحات الواعدة والإجراءات المتخذة بهذا المجال. ولكن ثمة الكثير من الإجراءات التي لابد من تطبيقها في منطقة الشرق الأوسط. ولهذا السبب، يسعى بنك أبو ظبي الوطني إلى لعب دور ريادي في بناء مستقبل الطاقة، حيث قام العام الماضي بتشكيل فريق متخصص في الأعمال المستدامة، كما أصبح البنك الأول في المنطقة الذي يوقّع على اتفاقية «مبادئ خط الاستواء». والتزم البنك أيضاً بتوفير قروض واستثمارات وتسهيلات بقيمة 10 مليارات دولار لتمويل مشاريع المستدامة بيئياً على مدى السنوات العشر المقبلة.
تزايد طلب العملاء على التمويل المستدام
يتغير العملاء الرئيسيون في «بنك أبوظبي الوطني» بالتزامن مع التغييرات التي يشهدها العالم اليوم. فقبل عشر سنوات مضت – أو حتى قبل 5 سنوات – ساورت البنك الشكوك حول إمتلاك قاعدة ولو صغيرة من العملاء الذين يتفاعلون مع الممارسات المستدامة بمجال توليد الطاقة.
أما اليوم، يمتلك البنك قاعدة كبيـرة من العملاء الذين ينشطون في قطاع الطاقة المتجددة، والذين يريدون من مؤسساتهم المالية تبنّي وفهم الديناميكيات السائدة في هذا القطاع متسارع النمو؛ حيث أن العديد من شركات النفط الدولية والحكومية، ومؤسسات خدمات المرافق الحكومية، وكبار المطورين في قطاع الطاقة يمتلكون جميعاً شركات فرعية متخصصة بالطاقة المتجددة والتي تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر من قبلهم.
ويوفر قطاع الطاقة المتجددة فرصاً مجزية لمطوّري التقنيات ومتعاقدي المشتريات الهندسية والإنشائية ومزودي التكنولوجي ومورّدي المكونات واللاعبين الأساسيين في أسهم الملكية الخاصة، ناهيك عن تعزيز تدفق رؤوس أموال المؤسسات والشركات إلى المنطقة. ويمتلك المجتمع المالي اليوم فرصة للاستجابة إلى متطلبات أولئك العملاء وفق طريقة منسّقة بهدف البدء في تطبيق حلول وتقنيات المصادر المتجددة خلال السنوات المقبلة.
وقد سعى «بنك أبوظبي الوطني» إلى ضمان استجابة مؤسسية فعالة لتلك القوى المؤثرة، واتخذ خطوات متميزة في هذا المضمار، حيث قام بتشكيل فريق متخصص بالأعمال المستدامة يكرّس نفسه لاستكشاف ودعم الفرص التجارية المزدهرة في قطاع المصادر المتجددة والمستدامة. وفي يناير 2016، أعلن «بنك أبوظبي الوطني» عن التزامه بتوفير قروض واستثمارات وتسهيلات بقيمة 10 مليارات دولار لتمويل المشاريع المستدامة بيئياً على مدى السنوات العشر المقبلة، وخاصة المشاريع والأنشطة التي تدعم ابتكار حلول بيئية ومستدامة تشكل دليلاً على التوجه الاستراتيجي للبنك في مجال الطاقة النظيفة، كما يعمل البنك على مقترح طرح سندات خضراء بما يعزز مكانته الريادية على مستوى المنطقة، ويساعدنا على تلبية احتياجات عملائنا من الشركات.
التمويل كحافز لنمو مشاريع الطاقة المتجددة
حشد جهود المجتمع المالي لحفز نمو مشاريع الطاقة النظيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فحسب التقرير، شهد قطاع الطاقة في منطقة الشــرق الأوسط وشمال إفريقيا أولى خطـوات التغيير في السياسات والممارسات منذ شهر مارس 2015 وتاريخ نشر تقرير «تمويل مستقبل الطاقة» الماضي. وتميل هذه التغيرات لصالح توليد الطاقة النظيفة وسط توقعات قوية بأن تلعب مصادر الطاقة المتجددة دوراً متنامي الأهمية في مزيج طاقة المستقبل.
ويعزى هذا التحول إلى عاملين أساسيين: يتمحور الأول حول قدرة تكنولوجيا الطاقة النظيفة عالية الكفاءة على أن تكون أكثر تنافسية من حيث التكلفة قياساً مع مصادر الطاقة التقليدية، إلى جانب الالتزامات الاستراتيجية المتجددة للحكومات بخفض البصمة الكربونية لاقتصاداتها على غرار الاستجابات الوطنية خلال مؤتمر «الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» (كوب 21). ويتمثل العامل الثاني في الرغبة بتعزيز استقلالية الحكومات بمجال الطاقة، وفك الارتباط بين أسعار الطاقة وتقلبات أسعار السلع الأساسية.
ويبدو مزيج الطاقة في المنطقة على أبواب منعطف تاريخي في ضوء التعهدات الحكومية بالانتقال من نظام يرتكز بشكل رئيسي على الوقود الأحفوري إلى نظام أكثر ذكاءً يقوم على الطاقة النظيفة الموزعة التي يتم توليدها من المصادر الشمسية وطاقة الرياح الطبيعية الوفيرة في المنطقة.
لكن هل الأمر كذلك فعلاً؟ وما هي العوامل الضرورية لإحداث مثل هذه النقلة النوعية؟
لا شك أن تمكين السياسات والتنظيم الفاعل وتبسيط إجراءات المشتريات بصورة أكبر سيلعب دوراً محورياً في إحداث التغيير النوعي. لكن البنك يعتقد أن الإجابة عن الجزء الأكبر من السؤال تكمن في المجتمع المالي، حيث يستأثر رأس المال المؤسسي والخاص – ولأول مرة – بجانب مهم في حفز مزيج طاقة المستقبل، وذلك في إطار تحقيق الأهداف التي حددها مؤتمر المناخ «كوب 21».
الطاقة المتجددة من منظور عالمي
بصورة غير مسبوقة، استقطب قطاع الطاقة المتجددة في البلدان النامية خلال عام 2015 تدفقــات أكبر من رؤوس الأموال مقـارنةً بالدول الثلاثين الأعضاء في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية». ويمكن للأسواق المتقدمة الأكثر نضجاً أن تقدم دروساً بالغة الأهمية لأسواق الطاقة النظيفة الناشئة؛ خصوصاً وأن التدفقات الاستثمارية في الأسواق الناشئة تبدو تاريخية وتصاعدية على نحو دائم. وبالنظر إلى البيانات المسجلة في كل من أوروبا والولايات المتحدة خلال السنوات العشر الماضية، فإن كلا السوقين تتشابهان في بعض الجوانب ومنها ارتفاع التوجهات الاستثمارية التي بلغت ذروتها في عام 2011 قبل أن تتراجع خلال الأعوام القليلة التي تلت عام 2011.
ويبرز تساؤل هنا حول الأسباب التي أفضت إلى ذلك، فقد شهدت الولايات المتحدة منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين خطوات متسارعة في التحول نحو اعتماد الطاقة النظيفة بناءً على الأجواء الإيجابية ووفرة التمويل عبر أسواق رأس المال المتقدمة. لكن الظروف الاقتصادية الصعبة التي واجهتها الولايات المتحدة بعد الأزمة المالية العالمية أفضت إلى تأزم الموقف وتراجع دعم القطاع بوتيرة متسارعة أيضاً. كما ألقت السياسة الضريبية بظلالها السلبية هي الأخرى وسط تقلب كبير في التدفقات الاستثمارية، والافتقار إلى الإعفاءات الضريبية والائتمان الضريبي، وهو ما يمثل إحدى أشكال الدورة التمويلية القائمة على دوافع سياسية.
ومع أن أنماط تدفقات رأس المال كانت مشابهة إلى حد كبير في أوروبا، غير إن الأسباب الرئيسية لانحسار مسيرة الطاقة المتجددة ربما تكون مختلفة. صحيح أن الأزمة المالية العالمية قـد أثّرت بشكل كبير، إلا أن انعدام اليقين في العمل الحكومي المباشر كان واحداً من أبرز عوامل تراجع الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة؛ حيث أن خفض تعرفة الكهرباء من جانب واحد في بعض البلدان الأوروبية ضمن نطاق الحزام الشمسي ساهم بزعزعة مستوى جاذبية القطاع، الأمر الذي شكل سبباً رئيسياً في تحويل الاستثمارات إلى قطاعات أخرى.
هذا وشهد السوقان موجةً جديدةً من ضغط النفقات واندماج الشركات والتركيز مجدداً على خفض التكاليف والتحسينات التكنولوجية. وقد أفضت هذه العوامل إلى قطاع قوي يتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع ظروف العمل السيئة. ويعزى هذا الجانب من التفاؤل إلى الاستفادة من أولئك المتأخرين عن دخول قطاع الطاقة المتجددة ولا سيما منطقة الشرق الأوسط.
بلدان الشرق الأوسط نجحت بدخول سوق الطاقة المتجددة في الوقت المناسب
أرست اتفاقية شراء الطاقة الموقعة بين «هيئة كهرباء ومياه دبي» وشركة «أكوا باور» في عام 2015 معياراً جديداً للأسعار هو الأدنى في العالم لتكاليف الطاقة الشمسية، وجاء ذلك بناءً على مناقصة تنافسية وفق شروط تجارية عادية، وأسعار من خانتين لعائدات الأسهم، وحزمة لتمويل الديون من البنوك التجارية الإقليمية.
أما الجانب الذي لم تتم الإشارة إليه على نطاق واسع فهو أن مقترحات التعرفة المقدمة من صاحب العرض الثاني قد أرست أيضاً سعراً جديداً هو الأدنى حول العالم، مما يشكل ثالث التوجهات المهمة في المنطقة:
أولاً، لا شك أن انخفاض تكلفة تقنيات الطاقة المتجددة – مثل مجمعات الطاقة الشمسية على المستوى الخدمي- ستعزز قدرتها التنافسية من الناحية التجارية. والأهم من ذلك هو أن تلك التقنيات لم تعد تعتمد على الإعانة أو الدعم الحكومي، حيث تم الاستغناء عن التدفقات النقدية المتقطعة والمرتبطة بالإعفاءات الضريبية في أجزاء كثيرة من العالم. وفي ضوء انحسار النطاق التجاري للسلع البتروكيماوية، بات من الضروري لتقنيات الطاقة المتجددة أن تدخل في مزيج الطاقة مستقبلاً مع توفر كميات كبيرة من الموارد الطبيعية. وبناء على مقترحات التعرفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن ذلك ينطبق أيضاً على مشاريع طاقة الرياح البرية.
ثانياً، تعمل تقنيات الطاقة المتجددة على تغيير المنظومة المؤسسية القديمة في العالم. فلم يكن أحد ليظن قبل أعوام قليلة بأن مطورين من منطقة تعتبر مركز الاقتصاد البترولي في العالم يمكنهم التغلب على اللاعبين الأساسيين في الأسواق العالمية المزدهرة. وكما حدث سابقاً، سيفضي ذلك إلى استجابة متنامية من مطوري المرافق الخدمية، وحين يتم ذلك، فلا شك بأنها ستسهم في تعزيز التنافسية ضمن قطاع الطاقة النظيفة.
ثالثاً، يعتمد تمويل مشروع «هيئة كهرباء ومياه دبي» أساساً على رأس المال المقدم من القطاع الخاص. ومع توافر القدرات التقنية وإثبات الجدوى التجارية، أصبح هذا التمويل العنصر الأهم لتطوير قطاع الطاقة المتجددة في المنطقة سواء من المنظور التنافسي أم لناحية مواكبة الكم الهائل من المتطلبات التمويلية لمشاريع الطاقة المتجددة.
ويزداد بمرور الوقت تماسك القطاع وانخفاض تكاليف مجمعات الطاقة الشمسية إلى أدنى مستوياتها عالمياً، مما يشكل حافزاً مهماً لمنطقة الشرق الأوسط للاستفادة من هـذه المزايا والتحول تباعاً إلى مركز عالمي رائد في قطاع الطاقة المتجددة.
تنويع التمويلات: شرط أساسي لنمو قطاع الطاقة المتجددة
وصل إجمالي الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة النظيفة إلى 329 مليار دولار أمريكي في عام 2015. وتشير تقديرات «جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية» إلى أن إجمالي الاستثمارات في مجمعات الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالكاد تجاوزت 1% خلال هذا العام مع توقعات بزيادة حصتها في الأسواق العالمية. ونظراً للفجوة الكبيرة بين الطلب على الطاقة وإنتاجها في المنطقة، سيشهد الطلب على تمويل مشاريع الطاقة المتجددة نمواً متسارعاً خلال الأعوام المقبلة. مما يحتم على قطاع الطاقة المتجددة الاستفادة من مجموعة متنوعة من مصادر السيولة بهدف تلبية هذا الطلب.
وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا محظوظة لامتلاكها نموذجاً راسخاً لحشد خبرات واستثمارات القطاع الخاص، عدا عن الهيكلية المستقلة لإنتاج الطاقة. وتستند هيكليات رأس المال النموذجية إلى التمويل لفترات طويلة بما يتماشى مع الحياة الاقتصادية للأصول الأساسية. ويتم الحصول على هذه التمويلات عادة من البنوك. وبالرغم من تمسك معظم مشاريع مجمعات الطاقة الشمسية على المستوى الخدمي بهذه الهيكليات أو أخرى مشابهة لها، فإنه من المتوقع حدوث نقص في القدرات ونشوء حاجة إلى زيادة الابتكارات المالية.
وغالباً ما تقوم البنوك التجارية والاستثمارية بتقييم وقياس أكثر الفترات خطورة في المشاريع- وهي مرحلة العمليات الإنشائية. وبطبيعة الحال، تتفادى هذه البنوك في أنظمتها توسيع نطاق الديون طويلة الأمد التي تسهم في تسهيل التعرفة التنافسية.
وعلى النقيض من ذلك، تعد أسواق رأس المال العالمية أضخم بكثير من التمويل الذي توفره القطاعات المصرفية، وثمة فئات من المستثمرين الذين يسعون للحصول على تدفقات نقدية طويلة الأمد وذات مخاطر منخفضة، وهو بالتحديد النمط الذي توفره مشاريع الطاقة المستدامة.
لذا هنالك حاجة ماسة إلى التعاون بين هاتين السوقين إذا ما أراد المجتمع المالي ردم الهوة في التمويل، ويضاف إلى ذلك الخبرات الغنية للمنطقة بمجال التمويل الإسلامي، ودعم وكالات ائتمان الصادرات، واستمرار بنوك التنمية بالعمل في أجزاء من شمال إفريقيا.
ويتطلب ذلك من جميع الأطراف المعنية التحلي بقدر كبير من الابتكار والمرونة وفقاً للنقاط التالية:
1. تحتاج إدارات المشتريات الحكومية إلى تعديل نماذج المشتريات الحالية التي تقوم على التعرفة التنافسية المدعومة بالتزامات التمويل طويل الأمد، والتحول نحو الهيكليات التي تسمح بإعادة التمويل وتنويع مصادر السيولة عبر عقود طويلة الأجل.
2. ينبغي للرعاة المساهمون أن يصبحوا أكثر تقبلاً لمخاطر إعادة التمويل ضمن إطار الإيجابيات المحدودة التي توفرها هيكليات التعرفة الثابتة.
3. تحتاج أسواق رأسمال الدين والمؤسسات الاستثمارية إلى تعميق فهمها حيال فرص القطاع لناحية التطوير والأسواق المتقدمة.
4. تحتاج البنوك لأن تصبح أكثر مرونة حيال محافظ منتجاتها التمويلية. وبينما ستبقي البنوك على آلية التمويل الأساسية في المستقبل المنظور ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن الإفراط في الاعتماد على مصدر واحد لرأس المال المخاطر لا يحقق النقلة النوعية المنشودة في التحول نحو الطاقة المتجددة. وعلى المدى القريب أو المتوسط، فإن الحصول على التمويل المؤسسي من خلال إعادة تمويل المشاريع الضخمة الممولة من قبل المصارف والمحافظ التي تدر إيرادات مجمعة سيتيح للبنوك القدرة على إعادة تدوير سيولتها ودعم المشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية.
وعندما يجد القطاع طريقة لجذب التمويل المؤسسي وأسواق رأس المال منذ نقطة البداية، سنشهد حدوث تحول جذري في سرعة تقديم البرامج الخاصة بالتحول نحو الطاقة النظيفة في المنطقة.
لا تعليقات حتى الآن.
كن أول شخص يترك تعليقا.