التنمية البشرية واستدامة حياة الانسان
تقارير ودراسات 0 solomon 22 June، 2016 بلغ صديق
التنمية البشرية هي عملية توسيع القدرات التعليمية والخبرات للشعوب، والمستهدف بهذا هو أن يصل الإنسان بمجهوده ومجهود محيطه إلى حد مرتفع من الإنتاج والدخل، وبحياة طويلة وصحية يرافقها تنمية القدرات الإنسانية من خلال توفير فرص ملائمة للتعليم وزيادة الخبرات.
بدأ مفهوم التنمية البشرية يتضح عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وخروج البلدان التي شاركت في الحرب مصدومة من الدمار البشري والاقتصادي الهائل وخاصة الدول الخاسرة. فبدأ بعدها تطور مفهوم التنمية الاقتصادية وواكبها ظهور التنمية البشرية لسرعة إنجاز التنمية لتحقيق سرعة الخروج من الدمار الشامل الذي حل في العالم.
ومن هذا التاريخ بدأت الأمم المتحدة تنتهج سياسة التنمية البشرية مع الدول الفقيرة لمساعدتها في الخروج من حالة الفقر التي تعانى منها، مستغلة في ذلك خبرات البلاد التي أصبحت متقدمة لاتباعها هذا المنهاج، وتطور مفهوم التنمية البشرية ليشمل مجالات عديدة منها: التنمية الإدارية، السياسية، التعليمية والثقافية)، ويكون الإنسان هو القاسم المشترك في جميع المجالات السابقة.
وعلى هذا يمثل منهج التنمية البشرية الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها المخططون وصانعو القرار لتهيئة الظروف الملائمة لإحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتطور بالمجتمع على طريق الرخاء والرفاهية.
فما هو حال التنمية البشرية في العالم العربي؟
أصبحت التنمية البشرية الشغل الشاغل والهم الرئيسي للإنسان العادي المتطلع لتطوير جوانب حياته وتلبية متطلباته، وهي أيضاً محور واهتمام الباحثين والمفكرين في محاولاتهم لخلق مجتمع الرفاه، وتعزيز قدراته المالية، لا من أجل تأمين احتياجات الفرد، فقط بل لزيادة إمكانات الوطن وتثبيت وتقوية استقلاله وحرية أفراده.
وفي تعريف التنمية البشرية، فهي عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان وفق التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها، وهنا يبرز الجانب الإنساني، إذ تسعى التنمية البشرية إلى الاهتمام بمستوى النمو في مختلف مراحل العمر لتنمية القدرات البدنية والعقلية والنفسية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وعلى الجانب الآخر فهي معنية باستثمار الموارد والأنشطة الاقتصادية بجميع تنوعاتها، وقطاع التربية والتعليم.
من أهم عوامل التنمية البشرية:
الأوضاع السياسية: عدم احتكار السلطة وتحقيق الديمقراطية
الأوضاع السكانية: الاستغلال الأمثل للموارد البشرية
الأوضاع السكنية: ارتفاع مستويات المعيشة وليس بالضروري انخفاض الكثافة السكانية وخير مثال على ذلك الصين فهي محققة لأكبر قدر من التنمية البشرية والكثافة السكانية مرتفعة للغاية
الأوضاع الإدارية: تطور أساليب الإدارة واعتماد أسلوب التخطيط
أوضاع العمل: تطور تقسيم العمل وارتفاع المهارات الفنية والإدارية
الأوضاع التقنية: استخدام التقنية وتوطينها
الأوضاع الصحية: تحسن مستويات الرعاية الصحية وانخفاض الوفيات وارتفاع معدلات الحياة
الأوضاع التعليمية: تطور أساليب التعليم
الأوضاع الاجتماعية: نمو ثقافة العمل
الأوضاع الطبقية: مرونة البناء الاجتماعي والمساواة الاجتماعية
الأوضاع النفسية: ضرورة تهيئة المناخ النفسي العام والتشجيع على التنمية
الأمم المتحدة والعالم العربي
يلاحظ أن بعض الدول العربية حسنت مؤشراتها في مجال التنمية البشرية، إذ وصل مؤشر التنمية في بعض الدول العربية إلى مستويات عالية جداً، إلا أن المنطقة ما زالت تعاني من مشاكل مثل البطالة (30%) وانخفاض مساهمة النساء في القوى العاملة.
في تقرير للأمم المتحدة عن التنمية البشرية بعنوان “التنمية في كل عمل” تناول المرحلة بين 1990-2015، سجل تسحناً في عدد البلدان التي تتمتع بمستوى مرتفع في التنمية من 47 بلد (1.2 مليار نسمة) إلى 63 بلد (3.6 مليارات)، وانخفض عدد البلدان ذات المستوى المنخفض في التنمية من 62 بلد (3 مليارات) إلى 43 بلد (مليار).
لقد تقدم العالم كثيراً في ربع قرن وتحسن مستوى المعيشة والخدمات ونشأت في الوقت نفسه تحديات أخرى مثل الفقر وعدم المساواة والتلوث البيئي والتغير المناخي، لذا سلط التقرير الضوء على أهمية العمل في عملية التنمية البشرية، ليتجاوز الوظيفة ويضيء على أبعاد أخرى في العمل غير المدفوع الأجر، كالرعاية والتطوّع والإبداع، أو ما يعرف بالمسؤولية المجتمعية.
ويتوقف التقرير عند التقدّم الذي شهده العالم على مدى ربع قرن مضى؛ إذ لحظ أن الحياة أصبحت أطول، اتساع قدرة المدارس، تطور الإمدادات النظيفة للمياه وخدمات الصرف الصحي، ارتفاع نصيب الفرد من الدخل وتراجع الفقر وما رافقه من تحسن في مستوى معيشة الكثيرين، غير أن تحديات كبرى لا تزال جاثمة، من الفقر المستشري وعدم المساواة المتجذّر إلى تغيّر المناخ والاستدامة البيئية والنزاعات وعدم الاستقرار. وفي هذه التحديات عقبات تحول دون انخراط الأفراد في العمل اللائق، فتبقى طاقات بشرية هائلة دفينة. وأكثر من يواجه هذه العقبات الشباب والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة وفئات مهمشة أخرى.
ولا توجد صلة تلقائية بين العمل والتنمية البشرية، فدور العمل في التنمية البشرية رهن بنوعيته التي لها بعدٌ هام في تعزيز التنمية البشرية، وبعوائق مثل التمييز والعنف. وبعض العمل هو نقيض للتنمية البشرية، مثل عمل الأطفال، العمل بالإكراه والاتجار بالبشر. وفي حالات كثيرة، يعيش العاملون ظروفاً خطيرة، إذ يقعون ضحايا الاستغلال، ويفتقرون إلى الأمن والحريّة والاستقلالية.
والمرأة -حسب التقرير- في موقع الخاسر، فحصتها هي دائماً الأقل من حيث المشاركة في القوى العاملة، الأجر، الاستقرار في العمل والتمثيل في مراكز الإدارة والقرار. ويحدّد التقرير أن العمل يدفع عجلة التنمية البشرية ويحد من الآثار الجانبيّة والعواقب غير المقصودة، فهو إتاحة الفرص لأجيال الحاضر دون المساس بفرص أجيال المستقبل.
ويستلزم تعزيز التنمية البشرية من خلال العمل سياسات واستراتيجيات في مجالات ثلاثة هي: خلق فرص العمل، صون رفاه العاملين واتخاذ الإجراءات الموجّهة.
ففي المجال الأول تركيز على استراتيجيات التوظيف الوطنية واغتنام الفرص في عالم العمل المتغيّر، وفي المجال الثاني قضايا هامة مثل صون حقوق العاملين ومستحقاتهم، وتوسيع الحماية الاجتماعية ومعالجة عدم المساواة. وفي المجال الثالث إجراءات موجهة إلى العمل المستدام، والموازنة بين العمل المدفوع الأجر وغير المدفوع، وتدخلات لصالح فئات معيّنة، مثل الشباب والأشخاص ذوي الإعاقات. والأهم أن يرتكز ذلك على عقد اجتماعي جديد، واتفاق عالمي، وتنفيذ برنامج توفير العمل اللائق.
يُقاس مفهوم التنمية البشرية بأبعاد واسعة تتخطى الدخل، مثل التعليم والصحة التي يعبر عنها بمعدل العمر المتوقع، وخدمات ومؤشرات صحية مثل وفيات الأطفال والرعاية الصحية التي تقدم للنساء وتطعيم الأطفال. وهنالك مؤشرات عدة تحدد التنمية البشرية بقيمة وأهمها العمر المتوقع ويقاس بالخدمات الصحية، اكتساب التعليم والمعرفة ويقاس بمتوسط سنوات الدراسة، ونصيب الفرد من الدخل القومي.
ويعبر عن هذا المقياس رقميا بسلم يتراوح بين الصفر والواحد، ويؤخذ بالاعتبار أيضا عوامل إيجابية وسلبية أخرى، مثل المساواة بين النساء والرجال في العمل والأجور وتولي المناصب، وأبعاد الفقر التي لا صلة لها بالدخل.
تعتبر دول ذات تنمية مرتفعة جدا تلك التي تحوز على مؤشر يتراوح بين 0.8-1، بلغ عددها في تقرير العام الفائت 49 بلدا تأتي في مقدمتها النرويج (0.944) فأستراليا، سويسرا، الدانمارك، هولندا، ألمانيا، إيرلندا، الولايات المتحدة، كندا، نيوزيلندا، وسنغافورة. وجاءت قطر في المرتبة 32 عالميا (شمل التقرير 188 دولة) وفي مقدمة الدول العربية (0.85)، تليها السعودية في المرتبة 39، فالإمارات 41، فالبحرين 45، فالكويت 48، وجاء في الدول ذات التنمية المرتفعة (0.7-0.8) سلطنة عمان 52، ولبنان 67، والأردن 80، والجزائر 83، وتونس 96.
وجاء في الدول ذات التنمية المتوسطة مصر 108، فلسطين 113، العراق 121، المغرب 126، سوريا 134. وجاء في التنمية المنخفضة موريتانيا 156، جزر القمر 159، اليمن 160، السودان 167، جيبوتي 168، جنوب السودان 169.
وكمثال على عدم المساواة، يذكر التقرير أن 80% من سكان العالم يستخدمون 6% من ثروته، في حين يستأثر 1% بنصف الثروة.
العمل والتنمية الاجتماعية
يعتبر العمل من أهم مؤشرات التنمية لأنه يشهد تغييرات جوهرية بسبب العولمة والحوسبة.
وفي التنمية البشرية يتسع مفهوم العمل إلى ما هو أبعد وأعمق من الوظيفة أو التشغيل، فالوظائف تؤمّن الدخل وتتيح المشاركة والأمن الاقتصادي. ولكن إطار الوظيفة يُغفل أنواعا عدة من العمل تؤثر على التنمية البشرية، كالعمل في الرعاية والعمل التطوّعي والعمل الإبداعي.
ويعزّز العمل التنمية البشرية من خلال تأمين الدخل وسبل العيش، الحد من الفقر وكفالة الإنصاف في النمو. والتنمية البشرية تزيد رأس المال البشري بتوسّع فرص الإنسان وخياراته بتحسين الصحة ومستوى المعرفة والمهارة والوعي، لكن يلحظ أن الهوة تتسع أكثر بين الفقراء والأغنياء، ومن بين كل خمسة أشخاص يعيش شخص تحت خط الفقر أي دخله اليومي أقل من الدولار.
إن الإحصائيات الدولية تشير إلى أن نحو 300 مليون شخص يشكلون 14% من سكان العالم انتقلوا في الآونة الأخيرة من الفقر إلى حافة الجوع، وأن 13 طفلاً يموتون جوعاً كل دقيقة في الدول الفقيرة، ويتوقع الباحثون أن يتضاعف عدد الفقراء في العالم إلى 4 مليارات نسمة خلال السنوات العشر القادمة، في العام 1971 كان عدد الدول الفقيرة في العالم 25 دولة ارتفع إلى 48 دولة في مطلع التسعينات ليتجاوز الرقم 63 دولة عام 2000
إن أكثر من ثلثي سكان العالم العربي يعانون من الفقر، وسيزداد عدد سكان العالم العربي خلال الـ 20 عاماً القادمة بمقدار 150 مليون نسمة، بينما عددهم الحالي 370 مليون وبالتالي فمعدلات البطالة سترتفع من 15 مليون حالياً إلى 50 مليون.
أما من أمثلة العمل الإيجابي، قيام 500 مليون مزرعة عائلية بتوفير أكثر من 80% من غذاء العالم، ومساهمة 80 مليون عامل في الصحة والتعليم في بناء القدرات البشرية، ومساهمة 23 مليون وظيفة في الصين والهند في مجال الطاقة النظيفة في استدامة التنمية والبيئة، يضاف إلى ذلك أكثر من 450 مليونا من رواد الأعمال في الابتكار والإبداع، كما يعمل 53 مليون شخص في منازلهم مقابل أجر، ويشارك نحو 970 مليونا في أعمال تطوعية تزيد التماسك الاجتماعي وتساعد العائلات والمجتمعات.
ولكن العامل الأكثر تأثيراً في اتجاهات العمل وطبيعته اليوم، مستمد من العولمة والحوسبة التي أنشأت أعمالا جديدة وقضت أو أضعفت أعمالا أخرى، وأنشأت أيضا أنظمة جديدة من خلال العمل عن بعد.
ففي الأعوام العشرة الأخيرة، تضاعف حجم التجارة بالسلع والخدمات، ليصل إلى 24 تريليون دولار تقريبا عام 2014، بعد أن كان 13 تريليون دولار عام 2005. وتزايدت أيضا المكوّنات الرقمية في هذه الحركة التجارية. وتنتشر التقنية الرقمية بسرعة مذهلة، فقد تجاوز عدد مستخدمي الهاتف النقال سبعة مليارات إنسان، وعدد مستخدمي الإنترنت ثلاثة مليارات.
وتحرك الحوسبة اتجاهات جديدة من الابتكار والإبداع، وقد تضاعفت براءات الاختراع في مجال الحاسوب منذ العام 1990، كما أتاحت مجالات جديدة للمشاركة والعمل التطوعي من خلال الشبكة الافتراضية. ومن التقنيات الفاعلة في تغيير أنماط العمل: التقنية السحابية، الطباعة المجسمة (الثلاثية الأبعاد)، الروبوت المتطور، تخزين الطاقة وحوسبة العمل المعرفي.
وتساعد الشبكية والحوسبة في تطوير قدرات الأفراد وتحقيق المساواة بين المدن والأرياف وبين الفئات والطبقات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، كما تتيح للنساء وكبار السن المشاركة الاقتصادية، وقد استحدثت من خلال الشبكة مئات الملايين من الوظائف، ولكن التقنية الجديدة خفضت الطلب كثيراً على ذوي المهارات المنخفضة والمتوسطة، وأفسحت المجال للعمالة المتخصصة والماهرة، وتتجه إلى الاختفاء الأعمال ذات المهارات المتوسطة.
يعرض التقرير أمثلة لوظائف وأعمال أصبحت معرضة للانقراض، مثل: العمل عبر الهاتف، البحث المتخصص في مجال العقارات، العمل في شبكات الصرف الصحي، العمل الفني في الرياضيات، ضمان السندات في مجال التأمين، إصلاح الساعات، العمل في وكالة البضائع والشحن، إعداد الضرائب، تظهير الصور الفوتوغرافية، العمل التقني في المكتبات، إدخال البيانات، مطالبات التأمين، السمسرة، معالجة طلبات القروض، التخمين في مجال التأمين، والتحكيم والإشراف في الأنشطة الرياضية.
وهناك فئة أخرى من الأعمال مهددة بالتراجع أو ستختفي بعد فترة من الزمن، مثل العلاج الترفيهي والصيانة، إدارة الطوارئ، العمل الاجتماعي في مجال الصحة النفسية والإدمان، معالجة مشاكل السمع، تقويم العظام والأطراف الاصطناعية، العمل الاجتماعي في الرعاية الصحية وجراحة الفم والوجه والفكين، الإشراف المباشر على مكافحة النيران والوقاية منها، إدارة السكن، تنسيق التعليم، الإشراف المباشر على عمل الشرطة والتحقيق، التعليم الابتدائي، باستثناء التعليم الخاص.
وفي ذلك فإن الأعمال ستصنف إلى ثلاث فئات: أعمال ملغاة ومتحولة ومستحدثة. فيتوقع أن يتسع نطاق العمل في النقل وسكة الحديد، الأعمال القائمة على ترشيد الموارد والطاقة، مثل تقنيات المياه والطاقة المتجددة والتكرير والتنقية، وتلغى الأعمال المستمدة من استنزاف الموارد الطبيعية والملوثة والمسؤولة عن انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون.
التغذية والصحة
يؤشر التقرير على مجموعة من الإنجازات والتحديات، وتؤشر التغيرات في الأرقام بين عامي 1990 و2015 إلى تحسن مستمر في الدخل والصحة والتغذية. ففي مواجهة الفقر والجوع يشير إلى أن معدلات الفقر بمعيار 1.25 دولار للفرد يوميا، انخفضت من 50% عام 1990 إلى 14% عام2015، وتضاعف عدد الطبقة الوسطى (4 دولارات يوميا للفرد) ثلاثة أضعاف من 18% إلى أكثر من 50%. وانخفضت نسبة الذين يعانون من سوء التغذية من 23 إلى 13%.
وفي مجال الصحة تناقصت نسبة وفيات الأطفال بتسارع كبير، وزادت نسبة الأطفال الذين يتلقون تطعيمات ولقاحات ضد أمراض الحصبة من 73 إلى 84%. وتراجعت نسبة الوفيات للنساء أثناء الولادة بنسبة 45% منذ العام 1990، وانخفضت الإصابات الجديدة بمرض الإيدز بنسبة 40%، أي من 3.5 ملايين إصابة إلى 2.1 مليون، وانخفض المعدل العالمي للإصابة بالملاريا بنسبة 37%، وانخفض معدل الوفيات بسبب الملاريا بنسبة 58%. كما انخفضت الإصابات بالسل بنسبة 41%.
وقد أصبحت الأمراض غير المعدية أو المزمنة من المخاطر التي تهدد الصحة على الصعيد العالمي، إذ تودي بحياة 38 مليون شخص في السنة، ثلاثة أرباعهم تقريبا (28 مليونا) من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ويعاني من السمنة نحو 30% (2.1 مليار) من سكان العالم، أكثر من ثلاثة أخماسهم في مناطق البلدان النامية.
التعليم
ازدادت أعداد الطلبة الجامعيين بسرعة حيث ارتفع الرقم من 163000 عام 1960 إلى 1.440.000 عام 1980، ووصل إلى أكثر من 6.200.000 عام 2000 في 170 جامعة على امتداد الوطن العربي، إنما اللافت للنظر أن التعليم لم يلب احتياجات المجتمع المتطورة فكانت نسبة أعداد العاطلين عن العمل من الخريجين الجامعيين تتزايد في استمرار إذ لم يكن هناك من ربط وترابط بين الحاجة ونوعيات التخصصات.
إنما في هذا الإطار ومع أهمية التطوير الذي يحافظ ويثبت الأسس الثقافية، عملت أقطار عربية عدة على تغيير مناهجها، لكن لم يكن له التأثير الكبير على الحياة العامة.
وبين العامين 1990 و2015، تزايدت نسبة التعليم الابتدائي من 83 إلى 91%، وانخفض عدد الأطفال الذين لا يلتحقون بالمدارس من مئة مليون طفل إلى 57 مليونا. وفي مجال المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، يتزايد التحاق الفتيات بالتعليم حتى أصبح عدد الطالبات في المدارس يتفوق على عدد الطلاب في معظم دول العالم، وتحقق المرأة مكاسب إضافية في الالتحاق في العمل والمشاركة السياسية وفي البرلمانات، وإن كانت النساء ما زلن يمثلن 20% من أعضاء المجالس النيابية.
البيئة
في مجال البيئة تخلص العالم نهائياً من استخدام المواد المضرة بطبقة الأوزون في الجو، ويتوقع أن تستعيد هذه الطبقة عافيتها بحلول منتصف القرن، وتزايدت نسبة السكان الذين يستخدمون مصادر محسنة من مياه الشرب من 76 إلى91%.
ومع هذا، تزايدت نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50%، ويفقد العالم مزيداً من الغابات، ويتزايد الاستهلاك الجائر للأسماك مما يهددها بالانقراض، ويطال شح المياه 40% من سكان العالم، وهي نسبة مرشحة للازدياد.
وفي مختلف أنحاء العالم، يزداد تعرض المجتمعات لتداعيات تغيّر المناخ، ومنها خسارة التنوّع البيولوجي، وهو مصدر حياة للعديد من المجتمعات الفقيرة. ويعيش نحو 1.3 مليار من السكان على أراض هشّة، وتصيب أضرار الكوارث الطبيعية الملايين.
وفي مجال الشراكة العالمية تزايدت نسبة المعونات التي تقدمها الدول المتقدمة بنسبة 66% لتصل في العام 2014 إلى 135 مليار دولار، وتزايدت نسبة السلع التي تستوردها الدول المتقدمة من النامية بدون جمارك من 65 إلى 79%، ووصلت نسبة سكان العالم الذين يحصلون على خدمات الموبايل إلى 95%، وتزايدت نسبة مستخدمي الإنترنت من 6 إلى 43% ليصل عدد المستخدمين في العام 2015 إلى 3.2 مليارات نسمة.
دور النساء وعمالة الأطفال
في المقابل ما زالت هناك تحديات ومخاطر تهدد التنمية ومستوى المعيشة والاستقرار في العالم، فما زالت النساء تواجهن التمييز في العمل والدخل والمشاركة في القرار، إذ بينما تبلغ نسبة مشاركة الرجال في سوق العمل 75%، تقل نسبة مشاركة النساء عن 50%، ويقل ما تكسبه المرأة في عملها عن الرجل بنسبة 24%. وثمة فجوة كبيرة بين الفقراء والأغنياء، ففي الدول النامية تصل فرصة الإصابة بالمرض والوفاة لدى أطفال الفقراء ضعف فرص الإصابة لدى الأطفال من الأغنياء.
ويعمل 168 مليون طفل خلافا للقوانين، ونصفهم يعملون في ظروف خطرة، وتمتد ظروف الإكراه والخطورة إلى 21 مليوناً من الرجال والنساء، وتعرض 4.5 ملايين إنسان للاستغلال الجنسي، وتقدر اقتصادات السخرة والإكراه (الاتجار بالبشر) بنحو 150 مليار دولار سنويا، ولا يزيد عليها في التجارة غير المشروعة سوى تجارة المخدرات. وانتشرت في العالم مؤخرا ظاهرة الاتجار بالمهاجرين غير النظاميين.
لا تعليقات حتى الآن.
كن أول شخص يترك تعليقا.